أسهل وأفضل الطرق للمذاكرة والتفوق فى الثانوية العامة والكلية
وداعاً للقلق والتوتر ، ومرحباً بالنجاح والتفوق
السؤال المحير العويص !!
سؤال يسأله الكثيرون ، ويُطرح على الكثيرين ، وكتب عنه كثيراً ، ومع ذلك لا يزال الكثير من الطلبة لا يحبون المذاكرة ولا يقبلون عليها ، ويدعون ربهم قائلين ( يارب المذاكرة تموت !!) ، والمحير فى الأمر : كيف لا يحب الطلبة المذاكرة مع كل هذه الكتابات والطرق والتقنيات التى توضح كيفية المذاكرة ؟ ، ولماذا يبذلون الكثير من وقتهم وأموال آبائهم ومن صحتهم النفسية ، ولا يجنون الثمرة المتوقعة من النجاح والتفوق ؟!
المعلومة البديهية التى يجب أن ننطلق منها !!
الفكرة الأساسية التى أنطلق منها فى تناول هذا الموضوع هى أن الطالب والمعلم وأولياء الأمور وكل الناس يعرفون أن نظامنا التعليمى فاشل ومهترئ ، وقاتل للإبداع والابتكار ، ومعوق للتفكير السليم ، ومشجع على الحفظ والتلقين بدون فهم أو تحليل ، وقائم على الحشو النظرى بدلاً من التطبيق العملى .. وتكون النتيجة فى النهاية : كراهية الطالب للعلم وكل ما يتعلق به من قريب أو بعيد .
والشىء الذى يدهشنى هو عدم اتخاذ رد الفعل الطبيعى والمنطقى والمتوقع تجاه هذه المعلومة البديهية المعروفة لكل الناس .
وإذا سألنا : كيف يتم اعتبار الناجح ناجحاً، والمتفوق متفوقاً فى ظل هذا النظام التعليمى؟
لكانت الإجابة البديهية : يتم اعتبار ذلك وفقاً لمدى اقتراب درجات الطالب من الدرجة النهائية ، فكلما اقتربت درجات الطالب من الدرجة النهائية ( وقد يصل هذا الاقتراب إلى حد التطابق ، بمعنى حصول الطالب على الدرجة النهائية ) اعتبر متفوقاً ، ويكون ترتيبه متقدماً بين زملائه وفقاً لهذا المعيار الذى لا معيار سواه .
وإذا تقررت هذه الإجابة البديهية عرفنا رد الفعل الطبيعى والمنطقى والمتوقع والواجب على الطالب اتخاذه ، وهو :
أن يكون هدفه ليس المذاكرة أو التحصيل أو طلب العلم وإنما الحصول على أكبر درجة ممكنة فى الامتحان تمكنه من الالتحاق بالكلية التى يريد .
ولربما بادرنى سائل ، وقال : وهذا لايتم إلا بالمذاكرة والتحصيل وطلب العلم بالطبع .
وأنا أرد عليه وأقول : كلا ، بالطبع !!
فقد يجهد الطالب نفسه فى المذاكرة والتحصيل وطلب العلم طوال العام ، ويسهر الليالى الطويلة ، ويُتعب معه أبويه ، ويظل ينتقل من درس خصوصى إلى آخر، وفى النهاية تكون النتيجة : فشل كبير .
بل ربما ينجح الطالب فى الحصول على مجموع كبير ، ولكن يظل غير قادر على الالتحاق بالكلية التى يريد لأنه تفصل بينه وبينها بضع درجات قد لا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة !!
وبالتالى فإن الغاية التى ينبغى على الطالب أن يُحققها : بذل أقل جهد ممكن والحصول على أعلى مجموع ممكن .. أما الحصول على أعلى مجموع ممكن فلأن هذا هو المعيار المتبع فى النظام التعليمى السائد ، وأما بذل أقل جهد ممكن فلأنه من غير المنطقى بذل المجهودات الكبيرة ودفع الأموال الطائلة فى الدروس الخصوصية وعدم الالتحاق بالكلية المرغوبة بسبب نصف درجة .. فإن هذا يشبه عملية مقامرة ، والعاقل من يدرك ذلك جيداً ، ويفعل ما يقتضيه ذلك .
وسنصل فى نهاية مقالنا إلى تعليم الطالب عدم بذل أى جهد يزيد على الجهد المطلوب لتحقيق هذه الغاية .
فليس من المعقول أن أدفع ما مقداره عشرة جنيهات فى الحصول على شئ يتكلف خمسة جنيهات فقط ، ولا يمكن لقائل أن يقول : أن العلم لا يقاس بالمال ، لأن الواقع يشهد أن ما يحدث ليس علماً ، ولكنها مسرحية كبيرة يقال عنها أنها علم .. ورغم ذلك فإنه مطلوب منى أن أمثل الدور المطلوب منى فى هذه المسرحية ، لأن هذ ببساطة يترتب عليه دخولى للكلية التى قد أرى أن التحاقى بها سيْر فى المسار الذى حددته لنفسى .
كلمة السر !!
نأتى هنا لأهم ما فى الموضوع : كيف يمكن الحصول على أعلى مجموع ممكن ؟
والحق أنه يوجد طريق واحد لتحقيق ذلك ، هو :
الاطلاع على امتحانات السنوات السابقة ، ونماذج الامتحانات والتمرن على إجاباتها .
أما فى الكلية فيجب أن ينصب اهتمام الطالب علاوة على ذلك : بما يركز عليه الدكتور فى المحاضرات .
أتذكر مرة أن مدرس اللغة الإنجليزية الذى كنت آخذ عنده درساً خصوصياً قال لنا : هل تعتقدون أن واضعى الامتحان يقومون باختراعه ، إنهم يقومون بانتقاءه مما مضى من امتحانات !!
وليس معنى كلام المدرس أن واضع الامتحان يعكف على امتحانات السنوات السابقة عند وضع الامتحان ، ولكن معناه أنه لا جديد وأن غالب الامتحان ستكون له صورة مشابهة فيما مضى من امتحانات .
وأياً ما كان الأمر ، فإنه يتعذر على واضع أى امتحان أن يصمم امتحاناً لا يوجد ما يشبه أكثر من 90% على الأقل من أسئلته فى امتحانات سابقة ، أو نماذج موجودة .
وسأضرب لك مثالين أحدهما من الثانوية العامة ، والآخر من الكلية :
المثال الأول من الثانوية العامة :
فى امتحان اللغة الإنجليزية فى الصف الثالث الثانوى كنت أذاكر ليلة الامتحان فى نموذج امتحان من أحد الكتب الخارجية (الملخصات) وقد أتى مما ذاكرته ما يقرب من 8 عبارات بالنص فى فقرة الـ multiple choice .
المثال الثانى من الكلية :
أما فى الكلية ، فقد كانت عندنا مادة اسمها (إدارة انتاج) ، وكان هناك سؤال عملى (مسألة) لم يستطع معظم الطلاب حلها، وبعد خروجنا من الامتحان لاحظنا أنها موجودة بالنص فى كتاب المادة فى الأسئلة التى فى نهاية كل فصل والتى لم يطلع عليها الكثير من الطلاب !!
وأنا أعجب من فريق كبير من الطلاب يجهد نفسه فى المذاكرة والتحصيل ، وربما يقترب الامتحان ، ومع ذلك لم يدرب نفسه على حل امتحان سابق أو نموذج لامتحان من تلك النماذج التى تمتلئ بها الكتب الخارجية.
وأنا لا أوصى بذلك فحسب ، بل أوصى كذلك بأن تكون مذاكرة الطالب قائمة أساساً وبالدرجة الأولى على حل هذه النماذج ، وأن لا يفعل ذلك فى نهاية العام عند اقتراب الامتحان ، بل فى بداية العام وأن لا تكون مذاكرته إلا الاطلاع على المادة تمهيداً لمعرفة كيف يكون السؤال .
إذا استقر هذا فى ذهن الطالب ، فسوف يوفر على نفسه عناءً كبيراً ، وجهداً عظيماً كان يبذله قبل ذلك رغم أن الأمر أيسر كثيراً .
وقد يقول قائل : إذا فعلت ذلك فستكون النتيجة أن أذاكر كل المنهج ، وهذا ما أفعله الآن .. فما الجديد ؟
وأقول لك : لا ؛ لأن الطريقة المذكورة توفر عليك الشئ الكثير لأنها تحقق النتائج التالية :
أولاً : توفر عليك بذل مجهود كبير ، وتوتر عظيم لأنك بدأت تتعرف على أن الأمر أمر حيلة ومكر وخداع وليس أمر مذاكرة وتحصيل ، وكلنا نعرف ذلك الطالب الذى قد لا يذاكر طيلة العام الدراسى ، ولكنه يقيم معسكراً للمذاكرة قبل الامتحان بقليل ، ويركز على المهم ، وتجده يحصد الدرجات العالية ، ويتفوق على من كان يذاكر منذ بداية العام .
ثانياً : تجعلك تعرف ما هى أكثر النقاط التى تكون موضع امتحان فتركز عليها أكثر . فمثلاً ، أتذكر أنه كانت من الأسئلة المتكررة فى اللغة العربية فى البلاغة : سؤال عن التجربة الشعورية ، والوحدة العضوية .
ثالثاً : تجعلك تعرف ماهى أكثر النقاط التى لا تكون موضع امتحان فلا تركز عليها أكثر . فمثلاً ، أتذكر أن التعريف بالشاعر أو صاحب النص مثل الحديث عن مولده وحياته ليس موضع سؤال .
رابعاً : تجعلك تعرف كيفية صياغة السؤال المطروح ، وبالتالى فما الداعى مثلاً لحفظ نقاط عديدة كإجابة على سؤال يأتى كثيراً فى صورة ( اختيار بين متعدد) .. ما الداعى للتعامل معه على أنه سؤال مفتوح .
خامساً : تجعلك عند الامتحان الفعلى لا تشعر بشئ جديد ، لأنك تعودت عليه كثيراً جداً قبل ذلك .. وبالتالى يزول التوتر البالغ الذى يصيب الطلاب فى الثانوية العامة ، ويجعل أحدهم قد يحجم عن دخول الامتحان ، أو يفزع منه ، ويقوم بتمزيق الورقة ، أو يتبول لا إرادياً !! .. إلخ
وهل طبقت أنا ما سبق ؟!
قد يتوجه إلىّ أحد من الطلاب أو القراء بسؤال عن خلفيتى التعليمية ، ويسألنى من أنت؟ وهل كنت ناجحاً متفوقاً لتعتبر نفسك مثلاً ينبغى لنا أن نستفيد من تجربته ؟
وأقول : كنت – ولله الحمد – متفوقاً في أغلب مراحل الدراسة ، فقد حصلت في الشهادة الابتدائية على مجموع 343/350 ، وفى الشهادة الإعدادية على مجموع 265/ 280.
أتذكر مرة في الصف الأول الإعدادى أنى رفعت يدى طالباً الإذن للإجابة على سؤال طرحته المعلمة ، فأذنت لى ، ولم أقم بالإجابة عن السؤال فحسب ، بل شرعت في شرح الدرس بأكمله ، ولقد أحست المعلمة بذلك ، فاستوقفتنى وطلبت منى أن أقف في الفصل أمام الطلاب كمعلم صغير، وقد فعلت .
أما نكستى الكبرى فكانت في الثانوية العامة ، لأنى تعاملت معها بغير هذه الطريقة ، بل حاولت أن أذاكر وأحفظ كل شئ لدرجة أنى حاولت أن أحفظ قصة اللغة العربية في الصف الثانى الثانوى ( واإسلاماه ) .. وحيث أن هذا يتطلب جهداً كبيراً ، فقد فشلت في استذكار دروس كثيرة .. ولم أحصل على درجات عالية.
أما في كلية التجارة التى التحقت بها ، فقد استعدت شيئاً من تفوقى وصار ترتيبى الثالث في السنة الثالثة من الكلية بتقديرات تناصفت بين الامتياز والجيد جداً .
وما أطرحه الآن هو عصارة التجربة التى خرجت بها من خبرتى في الثانوية العامة والكلية . ولقد طبقتها بالفعل عندما وفقنى الله لنيل شهادة MBA ( الماجستير المهنى ) حيث كان تقديرى العام : ممتاز ، وكانت تقديراتى كالتالى : امتياز في 9 مواد من أصل 12 مادة .. ويعد هذا أعظم إنجاز لى في النظام التعليمى الرسمى .. حيث أن كل خبراتى المعرفية والعلمية ، مستمدة من قراءاتى الحرة ودراستى الذاتية .
ما هى كيفية المذاكرة بعد معرفة هذه الطريقة ؟
الآن عرفنا أن هناك غاية وحيدة هى ما يجب علينا أن نسعى لتحقيقها دون سواها .
والسؤال الآن : كيف يجب علينا أن نذاكر من أجل الحصول – فقط – على أعلى درجة في الامتحان ؟
قبل أن أخبرك بكيفية المذاكرة ، دعنى أوضح لك هذا الأمر .
ألا يحدث كثيراً أن تقابل شخصاً لا تعرفه في إطار نشاط مشترك بينكما .
هل تتذكر طبيعة العلاقة بينكما في هذه اللحظات الأولية ؟
إن العلاقة بينكما تكون باهتة جداً ، فقد لا يجمعكما سوى السلام العابر ثم تبدأ أواصر العلاقة بينكما تتوطد شيئاً فشيئاً ، وبالتدريج ، وليس فجأة .
وهذا ما أريد منك أن تفعله وأنت تذاكر .
لا تحاول توطيد أواصر العلاقة مع المواد التى تدرسها قبل الأوان ، فتبادر إلى المذاكرة والتحصيل بجد واضح ، وحماس ساخن ، فتنفد منك البطارية سريعاً !!
ثم إنك وأنت تفعل ذلك تنسى الغاية الحقيقية التى ينبغى عليك أن تسعى لها ، وأن تذاكر في ضوئها ( هل تتذكرها؟! ) .. والواجب عليك في البداية أن تحاول الولوج برفق ، والبدء بالتدريج .. فأنت مطلوب منك أن تذاكر مناهج لا علم لك بها من قبل ، والانسان – كما هو معروف – عدو ما يجهل .. فيجب عليك في البداية أن تزيل هذه العداوة الناشئة عن الجهل ، بأن تتصفح موضوعات المادة التى تذاكرها ، ثم تقرؤها قراءة عابرة ، ثم تشرع في قراءتها قراءة متأنية ، وهكذا إلى أن تشعر أنك تشربت موضوعات المادة ، كمن يشرب كوباً من الماء ، فيشعر أن الماء امتزج بكل خلية من خلاياه .
لا تحفظ أى شئ في البداية ؛ لا تحفظ نصاً في اللغة العربية ، أو قواعد في اللغة الإنجليزية ، أو قوانين في الرياضيات والكيمياء والفيزياء .. بل اقرأ واقرأ واقرأ .
أتذكر أنه كان هناك في اللغة العربية بعض النصوص للدراسة وليس للحفظ ، بمعنى أن النص لا يجب على الطالب حفظه ، وأنا أريد منك أن تتعامل مع المواد كلها فى البداية بهذه الطريقة .
عندما تفعل ذلك ، ستشعر حينها أن الجهل ( ومعه العداوة ) قد زال ، وأن العلاقة في سبيلها لأن تتوطد بينك وبين المواد ، وكل ذلك من خلال عملية تدريجية سلمية ليس فيها عناء الحفظ ومقاومة النسيان .
أتذكر صديقاً لى كان من المتفوقين في الثانوية العامة ودخل كلية الطب فيما بعد ، كان إذا سأل المعلم سؤالاً في الكيمياء يجيب عليه بلغة عامية ، تبين أنه يفهم الإجابة ، ولكنه لا يحفظها ، والدليل على ذلك أنه يستغرق وقتاً في صياغة الإجابة ، فهو يفهم الموضوع ، ولكنه لم يحفظ جزئياته بعد .
ثم إن هناك سبباً آخر لعدم حفظ أى شئ في البداية هو أنك لن تحفظ إلا في ضوء الأسئلة المتكررة الموجودة في الامتحانات السابقة ونماذج الامتحانات .
وأقول لك شيئاً فى منتهى الأهمية : عندما تبدأ فى التعرف على المواد والقراءة فيها فأنت لا تحتاج إلى أى معونة خارجية كالذهاب لمدرس خصوصى ، والدليل على هذا الكلام أن طلبة الكلية منهم من لا يحضر محاضرة واحدة فى مادة معينة ، ولا يذاكرها إلا قبل الامتحان بقليل ، ومع ذلك ينجح فى الحصول على تقدير عال !!
والشىء الآخر الأكثر أهمية أنك وأنت تقرأ ، حاول أن تنسى مؤقتاً أنك طالب وأنك مطلوب منك أن تذاكر لأجل النجاح فى الامتحان ، بل اقرأ وكأنك لا تقرأ فى كتاب دراسى ، اقرأ للعلم ولو تطلب منك الأمر القراءة فى كتب غير تلك المقررة عليك ، أو الدخول على الإنترنت للمعرفة أكثر عن الموضوع الذى تقرؤه فلا تتأخر .
أما الشىء المثير للدهشة أن القراءة بهذا الشكل المذكور سابقاً لن تأخذ منك وقتاً طويلاً ، فبإمكانك الانتهاء من التعرف على كل المناهج الدراسية فى غضون أربعة أشهر أو أقل على حسب همتك ودأبك خصوصاً وأنت متفرغ لا شغل لك إلا الدراسة ( فلا مجال هناك لدروس خصوصية كما سنعرف ذلك لاحقاً !! )
أساليب المذاكرة الشائعة ..
إذا سمعت أى أحد يتحدث عن كيفية المذاكرة ستجده لا يتطرق أبداً إلى الغاية التى يجب أن نذاكر من أجلها ، ناسياً أنه لا يمكن تطبيق أساليب سليمة في نظام فاشل أصلاً .
وأنا – كمثال على ذلك – أرى أن معظم محصولى المعرفى وإنجازاتى الثقافية جاءت من قراءاتى الحرة ، ودراستى الذاتية كما ذكرت من قبل ، وليس من هذا النظام الفاشل .
ثم إن هناك بعض التقنيات التى يذكرونها أثناء المذاكرة : كأن تخصص غرفة مستقلة للمذاكرة ، ولا تذاكر في مكان النوم ، وأن تجعل ظهرك منتصباً ، وأن تجعل الإضاءة عمودية .. إلخ .
ورغم أنى لا أعترض ولا يحق لى أن أعترض على أى شئ يتعلق بالمحافظة على صحة الإنسان ، إلا أنى أرى أن ما سبق ليس ضرورياً على الإطلاق ، فصاحبى السابق طالب الطب الذى ذكرته أقسم لى ذات مرة أنه لا يذاكر إلا وهو مضطجع على فراشه في أحيان كثيرة عدا مادة الرياضيات التى تتطلب كتابة المسائل وحلها في ورقة خارجية ، وهذا ما لا يتيسر وهو مستلق على الفراش .
كيف تحفظ ؟
بعد أن وطدنا علاقتنا مع المواد بالتعرف عليها والقراءة فيها سنصل الآن إلى حفظ إجابات الأسئلة المتكررة ، وأنا أقدم لك بعض تقنيات الحفظ الجيدة :
أولاً : يجب أن تعرف فى البداية أنك لا تحفظ شيئاً قيماً جداً ، بمعنى :
أنك قد تضطر لحفظ أشياء لا داعى لحفظها سوى أنها موضع سؤال فى الامتحان . ثم إنى أعتقد أنه لا يجب حفظ أى شئ فى الحياة سوى ما كان نفيساً وقيماً جداً : كالقرآن الكريم ، والأحاديث النبوية الشريفة ، والحكم البليغة ، والقصائد العظيمة .. وما سوى ذلك فيجب أن ألم به إلماماً عاماً ، ويكفينى أنى فهمته واستوعبته .
ووفقاً لذلك فلا ينبغى عليك أن تتشدد فى الحفظ ، وتفعل نفس الخطأ الذى كنت أفعله ، حيث كنت أقوم بتسميع ما أحفظ ، وإذا أخطأت فى كلمة ، أعدت الحفظ من البداية .
ثانياً : لا تبادر بحفظ ما سوف يمر عليك كثيراً ، لأنك ستجد نفسك قد حفظته بكثرة تكراره .
فأتذكر مثلاً ما كنت أحفظه من كثرة مروره علىَ وتكراره مثل: .. وسر جمال الكناية الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه فى إيجاز وتجسيم ، والتضاد يقوى المعنى ويبرزه ، وغير ذلك .
ثالثاً : لا تحفظ فقرة طويلة ، قد تكفى كلمة واحدة إذا تذكرتها ، فستتذكر الفقرة كلها حتى ولو من تأليفك وصياغتك طالما أنك لم تخل بالمعنى .
رابعاً : استخدم طريقة الربط ، وأعنى بها إيجاد علاقة بين عناصر فقرة معينة ، بحيث لو تذكرت عنصراً واحداً أو جزئية واحدة تتذكر الباقى تباعاً . وأضرب مثالاً على ذلك من سورة الإسراء ، يقول الله تعالى :
( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴿٣١﴾ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴿٣٢﴾ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ﴿٣٣﴾ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا )
فإذا تأملت فى الآيات الأربع السابقة لربما لاحظت أنها جاءت كالتالى :
وَلَا تَقْتُلُوا – وَلَا تَقْرَبُوا – وَلَا تَقْتُلُوا – وَلَا تَقْرَبُوا
فهذه أربع آيات يمكن حفظها بكل سهولة من خلال تكرار : وَلَا تَقْتُلُوا – وَلَا تَقْرَبُوا
ولا يتحتم أن يكون الربط منطقياً ، فقد لا يكون له أى معنى سوى أنه يساعدك على التذكر .
النتائج المرتقبة لتطبيق ما سبق ..
عند معرفتك لما ذكرناه ، وتطبيقه ستحقق النتائج التالية إن شاء الله :
أولاً : ستحقق أكبر النتائج بأقل المجهودات .
ثانياً : ستزيل كل توتر وقلق وعناء يحيط بالعملية التعليمية ، وستوفر كل جهد على نفسك وأسرتك .
وستصبح فترة التعليم سواء فى الثانوية العامة أو الكلية فترة عادية وليست استثنائية ؛ حيث يتحول البيت إلى معسكر ، ويصبح شعار الأسرة : لا صوت يعلو فوق صوت المذاكرة .
ثالثاً : ستريح نفسك وعائلتك من الدروس الخصوصية ، وكل ما يتعلق بها من إنفاق جهد ومال لا داعى لإنفاقه .. فإن الطريقة التى عرضناها تركز على الامتحانات السابقة ونماذج الامتحانات .. وهذه متاحة لأى طالب . وأنا أتذكر طالبة حصلت على أكثر من 95% دون أن تأخذ درساً خصوصياً واحداً، وكان هذا لفقرها وظروفها الصعبة ، ولكنى أطلب من كل الطلبة ألا يأخذوا دروساً خصوصية حتى لو كانت ظروفهم تسمح ؛ إذ لا داعى لها فى ظل هذه الطريقة التى عرضناها .
رابعاً : توفير وقت وجهد كبيرين للطالب يمكن له أن يستغلهما فى أى نشاط مفيد : كقراءة ، أو ممارسة رياضة يهواها أو تنزه أو خروج هنا وهناك أو سفر مع الأهل والأصدقاء . وهذا مخالف للنغمة الشائعة التى تفترض التعليم عموماً ، والثانوية العامة خصوصاً ، جملة اعتراضية فى حياة الطالب لها وضعية خاصة ؛ كما فعل معنا مدرس الكيمياء فى الصف الثانى الثانوى حيث أتذكره كان يصيح بأعلى صوته ناصحاً إيانا أن نتعب فى هاتين السنتين ( حيث كانت الثانوية العامة وقتها سنتين ) لكى نستريح بقية العمر .. وفيما بعد عرفنا أن هذا وهم كبير، لأن الاجتهاد يجب أن يلازم الإنسان فى كل حياته وليس فى مرحلة مؤقتة فقط .. ثم لماذا نسمى الاجتهاد تعباً؟!
ثم ما هذا الوهم الشائع أن الثانوية العامة تحدد المصير .. هل لأن مجموعك فيها يحدد الكلية التى ستلتحق بها ؟ ، وما الذى سيحدث لو لم تلتحق بكلية معينة ؟! .. إنه حتى على افتراض وجود ما يسمى بكليات القمة ، فأنا لا أعتبر كلية قمة سوى كلية الطب ؛ لأنه بإمكانك أن تعمل في مجال الأدوية بدون أن تكون خريج كلية الصيدلة ، وبإمكانك أن تعمل في بعض التخصصات الهندسية بدون أن تكون خريج كلية الهندسة كأقسام الكمبيوتر مثلاً .. وحدها كلية الطب التى لا يصح أن تعمل طبيباً إلا بالتخرج منها .
وفى الختام ..
أتمنى لك عزيزى الطالب نجاحاً باهراً ، وتفوقاً كبيراً فى هذه الفترة من حياتك التى لا داعى على الإطلاق لأن تقضيها أنت وعائلتك كفترة استثنائية ( بل فترة عادية تعيشها بكل بهجة وسرور ) ، واعلم أن مقاييس النجاح فى الحياة لا ترتبط إلا قليلاً بالنجاح والتفوق فى الثانوية العامة والكلية ، وأنا لا أدفعك للإهمال ، ولكن أدفعك لأن تقدر الأمور قدرها الصحيح ، ولا تعطيها أكبر مما تستحق .
وفقك الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
لو أحببت أن تسمع هذا المقال بصوت محمد عطيتو ، فمن خلال هذا الرابط :