ليست الظروف الصعبة هى ما يجب أن يكون دافعك الوحيد لأن تدخر وأن تقتصد فى نفقاتك ، ولكن الادخار يجب أن يكون صفة لازمة لك فى حالتى الشدة والرخاء على السواء .. صفة لا غنى لك عن اكتسابها لتصبح مكوناً أساسياً فى شخصيتك لتصل فى النهاية إلى ممارسة عملية الادخار بعفوية وتلقائية بعد أن كنت تمارسها بتكلف وقصد .
ولكى تصبح فناناً فى ممارسة الادخار ، عليك بالتالى :
-
عليك أن تفهم جيداً هذه الفكرة فى البداية وقبل كل شىء ، بل اجعلها حلقة فى أذنيك :
القيمة والمنفعة هى ما يجب أن يستحوذ على اهتمامك وتفكيرك . وما النقود فى حقيقة الأمر سوى وسيلة لتحصيل تلك القيمة .
والقيمة يجب أن تستحق أن يطلق عليها اسم ( قيمة ) فى الأساس ؛ فالسجائر لا تعد قيمة تنفق النقود من أجلها .
ثم إن القيمة يجب بعد ذلك أن تكون حقيقة وليست وهمية أو مصطنعة ؛ فالإصرار على شراء ( ماركة ) بعينها قيمة وهمية وليست حقيقية ، وليست تلبية الحاجة موقوفة على تلك ( الماركة ) دون غيرها .
إذا جعلت القيمة هى الحاكمة لعاداتك الشرائية ستندهش لكمية الأشياء التى ستكتشف أنك كنت تشتريها وأنت لست فى حاجة لها على الإطلاق !
-
قد تكون قد فهمت ما سبق جيداً ، وستبدأ من الآن فى إلزام نفسك بعدم شراء شىء إلا إذا كان ذا قيمة ، ولكن تنبه للمفهوم التالى : حاول ألا تجعل شراء شىء هو خيارك الأول لتلبية قيمة أو منفعة ، بل حاول أن تبحث عن تلبية تلك القيمة من مصادرك الحالية التى تمتلكها بالفعل .
فانتقالك من مكان إلى آخر شىء لابد منه .. ما المانع من المشى بدلاً من أن تستقل سيارة .
هذا مثال بسيط ، ولو بحثت فستجد أشياء كثيرة تشتريها ، ولكن عند التدقيق تعلم أنه بإمكانك تلبية تلك الحاجات بدون شراء شىء .
-
الآن أنت مهيأ لعدم إخراج قرش واحد إلا لما لا يمكن الاستغناء عنه ، وهنا أستسمحك لحظة ، وأخبرك أنه لا زالت الجعبة مليئة بالأفكار !!
والفكرة القادمة هى : معرفة أن الادخار طائر يطير بجناحين ، هما :
الجناح الأول : التحايل على النفس ؛ بمعنى أنك تعرف أنه لابد من شراء شىء ، ولكنك تؤجله إلى أجل غير مسمى معللاً النفس بأنك ستشتريه فى أقرب فرصة ، ولكن حين تحين تلك الفرصة حاول تأجيها مرة أخرى .
الجناح الثانى : تقليل الكمية المشتراة ؛ فليس بالضرورة أن تشترى كمية كبيرة ، بل ولا كمية متوسطة ، بل حاول دائماً أن تشترى أقل من المتوسط .
إذا فعلت هذا ، فستندهش للنتائج العظيمة التى ستحصل عليها .
ملاحظات :
-
هل تعتقد أن ما سبق هراء .. لا بأس ، ولكن إن كانت لديك حلول أخرى – وهى فى الواقع حل وحيد متمثل فى وفرة ما لديك من مال – فبإمكانك ألا تطبق هذا الهراء .
-
من قال لك أنك تدخر من أجل جمع النقود وتكثيرها .. إذن ، فقد سلكت الطريق الخطأ . لا يمكن لك أن تجمع الملايين من الادخار ، بل غاية ما هنالك بضع ألوف من الجنيهات . إن الثروات لا تجمع إلا بالاستثمار الذى يعد الادخار خطوته الأولى . ولكن الغرض من كلامنا أن تكون لك الهيمنة على نفقاتك ، وأن تستمتع بأقصى قدر ممكن من الحرية المالية ، وإذا لم يكن من الممكن زيادة دخلك ، فالحل فى ترشيد مصروفاتك ، والاستغناء خير ما يفك عنك أغلال الحاجة والشعور بالعجز ، فإذا لم تستطع شراء شىء ، فاستغن عنه ، ومن يستغن بالله يغنه الله .
-
الادخار لا يدخل تحت باب البخل ، بل لا تعارض مطلقاً بين أقصى درجات الادخار وأقصى درجاء السخاء فى حدود قدراتك . الادخار تأجيل للإشباع ، أما البخل فهو عدم الإشباع فى سبيل تكثير ( شوية ورق !! ) لا قيمة لها فى ذاتها .
-
الادخار عملية تأتى بالتدرج والصبر ، وقد لا تتقنها من البداية فإذا فشلت فانهض ولا تستسلم .. واستسلامك هو خضوعك لنمط معيشتك الذى يثقل كاهلك ، ورضاك بأن تكون عبداً له يتحكم بك رغماً عنك .
-
التسويق هو علم النصب والاحتيال ، والادخار خير ما يجعلك تفطن لألاعيبه ولا تنخدع بها .
-
عندما تتحايل على نفسك فى إشباع حاجة معينة ، فأنت تعطى لها الفرصة فى إعادة تقييمها مرة أخرى وتحديد ما إذا كانت حقيقية أو وهمية .
-
لا تنشغل كثيراً بتقنيات الادخار التى يطرحها بعض الناس ؛ كالاشتراك فى الجمعيات ، أو جمع ( الفكة ) فى صندوق ثم استخدامها فيما بعد تراكمها .. فكل هذه تقنيات قد تختار منها ما يلائمك .. الأهم هو أن تعتنق الأفكار الأساسية التى ذكرناها آنفاً .
-
التقنية الوحيدة التى قد تأخذها فى الاعتبار هى إجبار نفسك على أن تعيش بجزء محدد من راتبك ، وتقوم بادخار الباقى ، وبعضهم يزيد فيقول : بل اجعل الراتب كله للادخار واستقطع ما يكفى لمصروفاتك .
-
هل أدلك على شىء يجعلك تحتمل نمط معيشتك الجديد ، ولا تتبرم به : الإكثار من الصيام ، فهذا يعودك على الخشونة فى العيش ، ومن ثم الاستمتاع بأبسط الأشياء وأقلها .