الحب كالماء الذى يرطب ويرقق كل شىء ، وإذا ساد الحب العلاقات الإنسانية ، لزال منها الجفاف والجفاء والبغضاء والكراهية .
والحب يدعو إلى التعاون والمساعدة ؛ فالمجتمع المتحابّ مجتمع متعاون ، يأخذ الواحد فيه بيد أخيه ، ولا يبخل عليه بشىء .
وإذا استغرقنا الكلام عن الحب ومحاولة جعله العملة الرسمية لتداول العلاقات بين الناس ، لأصبحنا إذن نتكلم عن المدينة الفاضلة ، والجنة التى لا مكان لها على أرضنا .
نعم ، فبعض العلاقات تسودها الكراهية ، ويخيم عليها شبح الحقد والغل ، والإنسان المتميز – عموماً – يجد من يتربص به ، ويود أن لو وقع فى حفرة سحيقة كى يختفى هو وتميزه .
وحتى لا يعكر صفوك وجود من يحقد عليك ، فعليك أن تتعامل معه كما يلى :
-
لا تنظر إلى من يحقد عليك باعتباره جانياً ظالماً ؛ فهو – فى الحقيقة – مظلوماً بنفسه مجنياً عليه بحقده الذى يحرمه النوم ، ويعكر عليه متعة الحياة ، ويمنعه أن يعيش هانئاً سعيداً .
-
التعامل الطيب الحسن الذى يطفح بالحب مع من هذا شأنهم كفيل بمسح أكثر من نصف حقدهم وكراهيتهم ، وهو خطوة فى تحويلهم من أعداء إلى أصدقاء .
-
لا تحرم الناس من ثمرة نجاحك وتميزك ، بل أشركهم فيها ، وبين لهم أنك منهم وهم منك ، وأنك لولا معونة الله ثم معونتهم وتأييدهم ما وصلت إلى ما أنت فيه الآن ، ولا تبخل عليهم بمال أو علم بل ابذله لهم كلما سمحت بذلك إمكانياتك ، و ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) .
-
حاول أن لا تبالغ فى إظهار ما فضلت به على غيرك ، بل اقتصد فى ذلك ؛ كى لا تكون صيداً ثميناً لذوى القلوب المريضة .
-
إذا صادفت من تستشعر أنه يكره تميزك ، فحاول أن تلفت نظره إلى ما عنده من مميزات كبيرة لا يحس بها ، ووجهه للمحافظة عليها وتنميتها واكتساب المزيد منها .
نصائح عابرة :
-
وجود نوع من الناس يكره نجاح غيره وتميزه ، أمر وارد ويحدث كثيراً ، ويجب أن لا يزعجك ، بل عليك أن تكون مهتما بكيفية استمالة هذا النوع وعلاج قلبه ، ومتدرباً على مهارة تحويلهم إلى صف الأصدقاء .
-
محاولة كسب هذا النوع من الناس شىء يجب أن تحرص عليه ، لتجنب أذاهم ، فمن الممكن أن يتحول الشعور القلبى إلى فعل مادى بالتطاول والإيذاء .. ولو لم يتحول فإياك أن تستهين بما يمكن أن يفعله الحقد لو تحول إلى حسد !!
-
هناك خدعة نفسية يجب أن تكون منتبهاً لها ، وهى السعادة بوجود من يحقد عليك ؛ لأن فى هذا تعزيز لمكانة النفس وعلو قدمها ، بل قد يبالغ المرء فى إظهار مميزاته حتى يثير حقد الناس من حوله ، وكلامهم المستمر عنه ، وذكرهم الكثير له .. وهذه أنانية ومظهرية عليك أن تكف عنها ، وتنشغل بدلاً من ذلك بكيفية حب الناس وكسب حبهم ونفعهم ومساعدتهم .
إنك قد تضطر لاعتزال هذه النوعية من الناس إن كانوا ممن يتعذر تغييرهم ، وقد تلجأ فى أحيان كثيرة لإخفاء نعم الله عليك عن هذا الصنف من الناس تحديداً ، وليس ثمة معارضة فيما أقول لقول الله تعالى ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) ؛ فما قلته له موضع خاص هو ما عبر عنه الإمام ابن حزم بقوله :
كم رأينا من فاخر بما عنده من المتاع ، فكان ذلك سببا لهلاكه ، بعين حاسد أو كيد عدو ، فإياك وهذا الباب فإنه ضرٌّ محض ، لا منفعة فيه أصلاً .
ولو كنت من هواة الاستماع والمشاهدة يمكنك الاستماع لهذا الفيديو الآن :