يُعوِّد الإنسان نفسه على التعامل مع الناس بالحسنى والكلمة الطيبة ، والفعل الجميل ، ويودّ لو أن الناس سلكوا معه هذا المسلك فى التعامل معه .

ولكن ، قد تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ، وقد يُفاجأ الواحد منا بمن غضب منه لسبب معلوم أو مجهول ، وهنا يقف ليسأل نفسه : كيف أتعامل مع منْ غضب منى ؟

 

  1. حاول أولاً أن تعرف أن الغاضب كالمجنون لا يؤخذ بكلامه ، وهو – غالباً – لا يقصده أو لا يعيه ، أو لا يمكن له أن ينفذه ، ولكنها جمرة الغضب المشتعلة التى دفعته لأن يقول ما قال .. وفى كل الأحوال ، فقلبه لا يحتوى على كل المشاعر السيئة التى قد تبدو منه حال غضبه .

  2. الخطوة الثانية بعد معرفتك أن الشخص الذى أمامك قد دخل طوراً ليس هو حاله الدائم هى أن تبحث وتتقصى عن السبب الذى جعله ينفجر فيك بهذه العاصفة الهوجاء من الغضب والصراخ .

  3. اصبر عليه حتى يهدأ ، وتخمد الفورة الهائجة التى رأيتها قبل قليل .

  4. الآن هدأت العاصفة ، وعرفت سببها ، فإن كان صحيحاً ، فأعلمْه أنك تقدر غضبه ، وأنك قد بدأت بالفعل فى تدارك الخطأ ، وإن كان غضبه قد نشأ من سوء تفاهم ، فأطْلعه على الصورة الصحيحة التى يجهلها .

  5. هنا ، قد يلتفت إلى غضبه الأهوج ، وما فعله معك ، من ناحية .. وصبرك عليه وتحملك لغضبه من ناحية أخرى ، وعندها قد يعتذر لك ، فلا تتردد فى قبول اعتذاره ، مع عتاب لطيف قصير له أنه لم يحاول أن يتبين الأمر ، وسارع باتهامك بما أنت برىء منه .

 

نصائح عابرة :

  • الغضب طارىء على النفس البشرية ، وليس هو طبيعتها الدائمة ، فليعْلم ذلك منْ هم حول الغاضب ، وليعْلم ذلك – أيضاً – الغاضب نفسه ، حتى لا يتمادى فى غضبه أو غيه ، وليحاول الغاضب أن يخفف من حدته حال غضبه ويكظم غيظه ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، وليبدأ فى تدريب نفسه على ذلك .

  • قد تشفق على نفسك عندما تراها تتعرض لهذه العاصفة العاتية من الصراخ والزعيق ، ولكنك ستعلم كم كنت قوياً ، عندما يقدر لك الغاضب حلمك عليه ، وكرمك معه .

  • بعد أن تعود المياه إلى مجاريها ، لك أن تلفت نظر الغاضب إلى أنك تعتبره أخاً ، ومن أجل ذلك احتملته وغفرت له ما فعل ، ولكن عليه ألا يُكرِّر ذلك مرة أخرى .

  • رغم توجيهنا للناس لأن يتحمل بعضهم بعضاً ، إلا أن هناك حدوداً لذلك ، فليس من قبيل الاحتمال أن تتحمل غضب من يعتدى عليك بالضرْب مثلاً ، أو بإهانتك الشديدة أمام الناس .. الغضب يُخرج الإنسان من شعوره فعلاً ، لكن ليس لتلك الدرجة التى يصل الأمر فيها إلى مثل هذه التصرفات الشائنة . فقط ، أنصحك – فى مثل هذه التطورات – أن تردّه عن غيه وتمنع اعتداءه عليك بنية إصلاحه ، وكفه عن غضبه لا بنية محاربته ، فأنت أمام غاضب فى كل الأحوال ، وهو – شئنا أم أبينا – ليس فى كامل قواه العقلية .

  • رغم كرمك البالغ مع الغاضب بتحملك له ، فقد لا يقدر لك ذلك ، ويستهين بك ويستمرىء التعامل معك بفظاظة وجفاء ، هنا ، اجعل العلاقة معه رسمية ، ولا تحزن إذا خففت العلاقة معه ، وقد تنهيها تماماً .

  • من المحتمل أن تتعرض لمثل هذه المواقف مع مديرك أو أبيك أو أخيك الأكبر .. فلا حرج فى التعامل معها بما أسلفنا من خطوات ، فهؤلاء حقوقهم عليك كثيرة ، ورغم ما فعلوه معك ، فمكانتك فى أعينهم كبيرة .

  • لا تستغرب مما قلت ، ولا تعتبر أنه يتعذر علينا أن نتعامل بهذا مع من غضب منا ، وقد تنظر لما ذكرت على أنه ضعف ، ولكن هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً ونحن مأمورون بالسير على نهجه واتباع سنته وهو من قال : إن الله يحب الرفق فى الأمر كله ، ونحن نعرف قصته التى رواها أنس رضى الله عنه : كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجرانى غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابى فجبذه ( جذبه ) بردائه جبذة شديدة ، ونظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد مر لى من مال الله الذى عندك ، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ثم أمر له بعطاء .

ولتعلم أخيراً أن اتباعك لجميل الأخلاق مع الناس ، يجنبك الكثير من أذاهم ، ووجودك داخل دائرة من المعارف والأصدقاء يتحلون أيضاً بجميل الأخلاق يكف عنك الكثير من أذاهم ، ولذا ، فإنه فى بعض الأحيان قد لا تفلح معك الخطوات السابقة ، بل قد لا يفلح معك إلا تغيير دائرة معارفك وأصدقاءك ، ولن تتمكن من هذا إلا بتغيير نفسك أولاً لأن الناس كالطيور على أشكالها تقع .

 

 

ملحوظة : هذا المقال للتعامل مع من غضب منك أنت تحديداً ، وهناك مقال آخر عن كيفية التعامل مع الغاضب عموماً  .. بعنوان ( كيف تتعامل مع الغاضب ؟ )

 

ولو كنت من هواة الاستماع والمشاهدة يمكنك الاستماع لهذا الفيديو الآن :

 

Load More Related Articles
Load More By محمد عطيتو
Load More In سلسلة كيف .. ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إقرأ أيضا

النقود والبنوك

  كيف نشأت النقود الورقية تاريخياً ؟ ورقة نقدية بمليون جنيه .. هل رأيتها من قبل ؟! أك…