يتزوج الرجل لتحقيق عدد معين من الأهداف ؛ فمن أهدافه أن يجد زوجة تشاركه حياته يسكن إليها وتخفف من همومه وآلامه ، ومن أهدافه – أيضاً – تسكين الغريزة التى طالما تأججت وكادت تحدث عدداً من الحرائق ، ومن أهدافه كذلك ، تلبية عاطفة الأبوة التى لا سبيل إليها إلا بأن ينجب طفلاً يرى فيه صورته ، ويراه ينمو ويكبر أمامه حتى يصير شاباً قوياً ناضجاً .

وإنه لشعور جميل جميل أن ينجب الرجل ويرى أبناءه أمامه ، يضحكون تارة ، ويلعبون تارة ، ويتشاكسون تارة ، ثم يبكون ثم يصطلحون .

وقد يكون من ضمن هموم الإنسان التى لا تنتهى أن يجد نفسه محروماً من أن يسمع طفلاً صغيراً يناديه بنداء الأبوة ، وإنه لأمر ثقيل على النفس أن يجد الإنسان نفسه أمام هذه الحقيقة المؤلمة .

وهنا يجد نفسه وجهاً لوجه أمام زوجته ، وللتعامل معها فى موقف كهذا ، عليه بالتالى :

  1. عليك أن تعلم أولاً أنك ستحرم من شىء معين فى الحياة التى لا يمكن أن تجد فيها كل ما تريد ، وقد يكون هذا الشىء الذى حُرمت منه : الأولاد .

  2. رغم ما فى العلاقة بين الزوجين من حب ودفء وحنان وقرْب ، إلا أنها علاقة فيها بعض المنافع المشتركة والمصالح المتبادلة التى ينتظرها كل طرف من شريكه .. ومن ضمن هذه المنافع المشتركة : الأولاد .

  3. إذا اكتشفت – بعد رحلة طويلة للأطباء ومعامل التحاليل – أنك لا تصلح للإنجاب فى الوقت الذى تصلح فيه زوجتك لذلك .. فتهيأ لاتخاذ القرار الذى تمنعك نفسك أن تفكر فيه .

  4. اجلس مع زوجتك جلسة ودودة تخبرها فيها بكل صراحة : أن العلاقة الدافئة التى جمعت بينكما لا تسمح بأن يأتى فيها طرف على حساب مصلحة صاحبه ، وأنك لا زلت تحمل لها كل مشاعر الحب والودّ ، وفى نفس الوقت فأنت تعلم جيداً مدى اشتياقها للأولاد ، ولا تتمنى أن تصعب عليها الأمر ، ولا أن تفرض عليها ما ليس فى طاقتها .

  5. بعد هذا التمهيد ، قل لها بكل صراحة : إذا أردت الانفصال الآن ، فأنا لا أمانع من الطلاق على الإطلاق ، وإذا أردت – رغم ذلك – أن لا ننفصل ونظرت إلى الأمر على أنه قدر الله ، فاعلمى أنك زوجتى الحبيبة التى ستزيدنا الأيام تماسكاً والتصاقاً .

  6. إذا انتهيت من قول ذلك لها واحتملت نفسك أن تقوله فأهنئك أنك من أبطال الحياة الذين لا يريدون أن يحظوا بالسعادة وحدهم على حساب ذويهم وأحبائهم ، وهذا الموقف الذى تشعر فيه أنك فى قمة عجزك وضعفك هو أوضح ما يعبر عن عظمتك ونبلك وقوتك وسبحان من ينتج الضد من الضد ، ويولد من بوتقة الألم العظمة ، فطوبى لمن اقتحم العقبة ، وداس بقدمه على هواه ، وقدم على مراده رضا الله .

نصائح عابرة :

  • إذا مرّ الإنسان بمثل هذا الموقف ، فهو يشعر بخيبة أمل كبيرة وبعجز ثقيل على النفس ، وأفضل ما يمكن عمله فى مثل هذه اللحظات : عدم المكابرة والاعتراف بالأمر الواقع طواعية ، بدلاً من أن يُجبر على الاعتراف به وهو كاره .

  • هذه المصارحة بين الزوجين لابد أن تتم من خلال الزوج والزوج فقط ، لا من خلال أمه أو أخته مثلاً ؛ وذلك لأنها مشكلته هو وليس مشكلة أمه أو أخته . كما أن العشرة بين الزوجين تتيح له أن يتكلم معها بلا تكلف .

  • على الزوجة أن تعلم – خصوصاً لو كان لها زوج مخلص ودود – أن الحياة لا تعطى كل شىء للإنسان ، وأنه بإمكانها أن لا ترضى عوضاً عن زوجها الحبيب ، وأن الله قد يدخر لهما الذكور والإناث فى المستقبل ، وأنه بإمكانها أن تشبع عاطفة الأمومة من خلال أبناء الإخوة والأقارب لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ، وهى إن اتخذت هذا القرار فلتعلم أنها اتخذته بكامل إرادتها ولم يجبرها أحد على ذلك ، فلا سبيل بعد ذلك أن تمن على زوجها ولو باللمحة أو الإشارة .. وكم رأينا من زوجين متحابين متوادين رغم حرمانهما من الأولاد .

  • لا تحزن عزيزى الرجل ، واصبر ، وانفصل عن زوجتك بإحسان إن أرادت ، وانتظر فرج الله القريب ، فإنه من صبر على شىء حرم منه ، عوضه الله خيراً عنه .

 

إنى مهما قلت فلن أقدر على أن أهون على من ابتلى بالحرمان من الذرية التى هى مع الأموال زينة الحياة الدنيا ، فالله وحده من يهون المصائب ويجبر الكسور ويعين على الآلام ، وهذا هو طبع الدنيا ، فكيف قد غفلت عنه ؟!

 

طُبعتْ على كدرٍ وأنت تريدها    صفواً من الأقذاء والأكدار

ومكلف الأشياء ضدَّ طباعها     متطلِّب في الماء جذوة نارِ

 

ولو كنت من هواة الاستماع والمشاهدة يمكنك الاستماع لهذا الفيديو الآن :

Load More Related Articles
Load More By محمد عطيتو
Load More In سلسلة كيف .. ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إقرأ أيضا

النقود والبنوك

  كيف نشأت النقود الورقية تاريخياً ؟ ورقة نقدية بمليون جنيه .. هل رأيتها من قبل ؟! أك…