يمرّ المرء فى حياته بالكثير من المواقف التى يتحيَّر فيها ماذا يفعل ، ترى الواحد منهم مُتردِّداً مُتحيِّراً يقدم قدماً ويؤخر أخرى ، تراه ساهماً صامتاً لا يُكلم إلا نفسه ، تراه يفكر ثم يفكر ، يعيد النظر ثم يعيد النظر فى إعادة النظر ، وهذه الحال إن طالت ، فهى تسبب الكثير من المتاعب النفسية والصحية والأعراض الاكتئابية ، وتزداد حالة المرء جرّاء هذا التردد والتحير سوءاً يوماً بعد يوم .

وهنا ، جدير بالمرء أن يُشرك معه فى التفكير عقلاً آخر يستنصحه ويستشيره ، ويعرض عليه الأمر ، فيراه واضحاً جلياً ؛ لأنه خارج عنه وغير متلبس به .

ولتسهيل عملية الاستشارة ، وجعلها تسير بكفاءة وتؤتى ثمارها المنتظرة منها ، فإنى أنصحك باتباع الخطوات التالية :

 

  1. لا تستشر فى أمورك إلا من تثق فيه أولاً ، وتأتمنه على سرك ثانياً ، وتعرف عمق خبرته ومعرفته فى الأمر المستشار بشأنه ثالثاً .

  2. اطرح الأمر بين مستشارك كاملاً بكل تجرد ، ولا تحاول أن تُطلعه على بعض الأمور ، وتخفى عنه بعض الأمور لتحصل على إجابة معينة .. فالاستشارة نظام مدخلاته : بيانات صحيحة واضحة ، تعرفها أذن واعية وعقل خبير ، ينتج رأياً سديداً ، وأى خلل فى المدخلات يؤدى حتماً إلى خلل فى المخرجات .

  3. ستشعر فور سماعك للاستشارة كأن عبئاً ثقيلاً بدأ يخف ، وحملاً كبيراً بدأت يد أخرى تساعدك فى رفعه ، وستشعر أن الأمر أبسط مما توهمت ، وأن هناك أمور قد علمتها لم تكن تعلمها من قبل .

  4. هذه الحالة النفسية الجيدة ، والنظرة الجديدة للأمر ستساعدك على تقييم الاستشارة ذاتها والتعديل عليها بالإضافة والحذف حتى تصل فى النهاية إلى خطوات عملية معينة ترى أنها الملائمة للتعامل مع الموقف .

  5. توكل على ربك واستخره ، وقم بتنفيذ هذه الخطوات فوراً ، ويكفيك أنك فعلت كل ما عليك ، ولا تقلق من النتائج طالما قمت بالعمل المطلوب منك ، واترك الباقى على الله .

 

نصائح عابرة :

  • لابد أن يمرّ المرء فى حياته بالكثير من المواقف المُحيرة ، وأفضل ما يمكن له أن يفعله فى هذه اللحظات أن يتخذها وسيلة لتقوية مناعته النفسية ، ولينظر فوراً : ما العمل ؟

  • ليس المستشار بأفضل من المستشير ، ولكن لأنه خارج الأمر فهو يراه بصورة واضحة كما نرصد نحن الأرض من خارجها ؛ من القمر مثلاً ، وكما ترى أنت غيرك ، ويتعذر عليك رؤية نفسك .

  • احرص على استشارة من لهم خلفيات مختلفة عنك ، واحرص على استشارة من يميل إلى رأى مضاد لرأيك ، وكما يقول المثل : بأضدادها تتميز الأشياء .

  • قد يعطيك أحدهم رأياً يتفق مع قيمه هو وليس قيمك أنت .. فى هذه الحالة أعرض عما يريد أن يدفعك إليه ، ولكن لا تعرض عن المعلومات التى قد يسوقها لك .

  • ستجد نفسك ، وأنت تستشير من تثق به أنك مندفع للرثاء لحالك ، والشكوى مما أصابك ملتمساً منه السلوى والعزاء ، وهنا يجب أن تعلم أن الاستشارة غير الفضفضة ، وعليك أن تعرف أن الفضفضة إن طالت ، والرثاء للحال إن زاد عن حده ، فعليك أن تنصب سُرادقاً للعزاء أفضل !!

  • الخطوات العملية الواضحة الناتجة عن تفكير سديد أفضل من الوضع : محلك سر ، حتى لو أدت إلى نتيجة غير مرغوبة كثيراً ، وستشعر أنت ساعتها أنك لم تدخر وسعاً ، ولم تُقصر فى شىء .

  • من فوائد الاستشارة : الخروج من الحالة النفسية السيئة التى تعيشها ، والنظر إلى الموقف المحير الذى تواجهه على أنه نتيجة أسباب محددة معينة .. ها أنت قد وضعت يدك عليها ، وستعمل على معالجتها والتعامل معها بفهم سليم .

 

إن الحمل الثقيل إذا عاونتك يد أخرى فى رفعه ، يخف ويهون .. كذلك المشاكل العويصة ، والمواقف المعقدة عندما تستشير فيها عقلاً آخر ، فإن عقدتها تنحل ، وتصير هينة بعد أن كنت تراها كبيرة كالتل !!

 

 

ولو كنت من هواة الاستماع والمشاهدة يمكنك الاستماع لهذا الفيديو الآن :

 

 

 

Load More Related Articles
Load More By محمد عطيتو
Load More In سلسلة كيف .. ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إقرأ أيضا

النقود والبنوك

  كيف نشأت النقود الورقية تاريخياً ؟ ورقة نقدية بمليون جنيه .. هل رأيتها من قبل ؟! أك…