يلتقى المرء فى حياته بأصناف شتى من الناس ، وأطياف متنوعة من البشر ، وممّن نلتقى بهم فى الحياة هذا النوع من الناس الذى صارت إنجازاته وإسهاماته ملء السمع والبصر ، هذا النوع الذى طوّق منْ حوله بأياديه البيضاء ، ومساعداته التى لا تنقطع .
ومن الناس منْ إذا رآه الناس لا يلتفتون له ، ولا يثير انتباههم ، ولكن هذا النوع الآخر ، ما أن يحلّ على مجلس حتى تتهلل وجوه الحاضرين وتكون البسمات والضحكات شارة استقباله ، وعلامة الترحاب به .
وعندما يصادف الواحد منا رجلاً من هذا النوع ، يتمنى من أعماق قلبه أن يكون مثله .. وقد يجد نفسه دون قصد منه قد أكلته نار الغيرة من إنجازاته وعطاءاته ، ولمحاولة تجنب الوقوع فى هذا المنحدر .. عليك بالتالى :
-
إذا رأيت واحداً من هؤلاء ، ووجدت صدرك – لا إرادياً – قد ضاق به ، فحاول إخفاء هذا الشعور على سبيل كبته واستنكاره وإزالته ؛ لأن وجود مثل هذا الشعور علامة مرض فى القلب وضعف فى النفس .
-
لا تطاوع نفسك وتحاول التهوين من إنجازاته مُدّعياً أنه لم يقم بشىء يذكر ، أو أنك لو أردت لفعلت مثله ، أو أنك لم تر له فضلاً يتميز به على غيره ، فمثلك فى هذا مثل الثعلب الذى حاول التقام العنب من على الشجرة ، ولما عجز ولم يستطع .. قال : إنه حامض . بل حاول الثناء على إنجازاته داعياً منْ حولك لأن يفعلوا فعله ويحذوا حذوه .
-
حاول أن تعرف ما قد تميز به ، ولا تحرم نفسك من محاولة الاستفادة مما فعل ، واسلك دربه ، وحاول الإتيان بمثل ما أتى به من جلائل الأعمال ، وذلك حسب طاقتك وقدرتك ، وعندما تفعل ذلك ، فإنما لوجه الله ونفع الناس ، لا لغرض الشهرة والذكر عندهم .
نصائح عابرة :
-
لابد من تحديد منهاجك فى الحياة بوضوح ووضعه دائماً نصب عينيك يوجهك ويرشدك ، ووفقاً له تُحدّد منْ تعتبره متميّزاً ، ومنْ تعتبره خاملاً ، حتى لا تتشعب بك السبل ، وتتشتت بك الطرق وتجتذبك الاهتمامات المختلفة التى قد لا تلاءم شخصيتك .
-
ستجد صعوبة فى الثناء والاعتراف بإنجازات منْ تأكل قلبك نار الغيرة عليه ، ولكن تحمّل هذا .. فهذا أفضل من التهوين من عمله ، وفى نفس الوقت ، هذا دافع لك لأن تفعل مثلما فعل ، فتلحق به وربما تسبقه ، وقد تستبدل بالحسد الغبطة ، فتستنزل رحمة الله وتدفع عظيم النقمة ، فخزائن الله عامرة لا تنفد إنه كان ودوداً شكوراً ، وهو القائل ( كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا )
-
لابد أن تعلم أن هناك من الإسهامات والإنجازات ما يجعل الناس يرمقون أصحابها بإعجاب شديد مع أنها لا تساوى شيئاً ، ولا تقدم نفعاً ، ولا تزيل فساداً ، ولا تغير منكراً بل ربما على العكس من ذلك .
كذلك ، فإن النظر إلى ما عند الناس من ممتلكات مادية كالسيارة الفارهة ، والمنزل الواسع ، وما شابه ذلك .. كل هذا لا ينبغى أن يثير اهتمامك بما يدعوك للسعى لنيْله .. فأحق الإنجازات بنيل إعجابك ، وإثارتك لتقليدها هى نفع الناس وتيسير حياتهم ، وخلال هذا قد تحرز بعض الممتلكات المادية ، وعندها سيكون فرحك بها أقل من فرحك بإنجازك العظيم المتمثل فى نبْل نفسك ، وكرم طباعك ، وأصالة شخصيتك ، وإسداء الخير للناس ، والسعى لرضا رب الناس .
-
ليست الغاية أن تُذكر عند الناس ، بل الغاية أن تصبح قيمة مضافة للحياة والناس .
-
حاول ألا تجعل نفسك فارغة من عمل ، واشغل نفسك دائماً بالمفيد .. إذا فعلت ذلك سترضى عن نفسك من أنك جعلت الخير لك دليلاً ، ونفع الناس لك مرشداً وموجهاً ، علاوة على أنك شغلت نفسك بالحق فانشغلت هى عن الباطل .
باختصار شديد .. بعيداً عن القيل والقال وكثرة الكلام ، كيف لا تحقد على المتميزين ؟ عندما تكون متميزاً مثلهم ، وهذا فى متناول يدك بكل تأكيد .
ولو كنت من هواة الاستماع والمشاهدة يمكنك الاستماع لهذا الفيديو الآن :