الناس فى مجتمعهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ، هكذا يجب أن يكونوا ، ووفقا لهذا يجب أن يكون تعاملهم ، فالاحترام المتبادل يجب أن يكون شعارهم فيما بينهم ، والتماس الأعذار بعضهم لبعض يجب أن يكون منهجهم فى التعامل مع ما يبدر من أحدهم من أخطاء ، ولكن .. هل هذا هو السائد بين الناس ؟
الواقع أن الفجوة بين النظرية والتطبيق تتسع وتتسع ، حتى إننا نرى أن الاحترام المتبادل قد حل محله السب والشتم ، والتماس الأعذار قد حل محله تصيد الأخطاء بالحق والباطل ، وفى ظل هذا المناخ المشحون يعيش الإنسان ويتعامل مع غيره من الناس ، وهو – بلا شك – سيناله الأذى من أعضاء مجتمعه وبنى جنسه ، ومن صور هذا الأذى أن يتعامل الفرد مع من يتعمد إحراجه ، ويقصد فضيحته ، وأنت – من المؤكد – قد مررت بالتعامل مع من هذا هدفه ، ولكى تحسن التعامل معه ، فعليك بالطرق التالية :
-
عليك أن تتأكد أولاً من أن هذا الشخص يتعمد إحراجك ، وسيظهر ذلك من نبرة صوته ، ونظرة عينه ، وأسلوب كلامه ، وخبثه الظاهر ، ومكره الواضح .
وعليك أن تفرق بين هذا ، وبين من حسنت نيته ، ولكنه لا يحسن عرض فكرته ، وإبداء رأيه مما يدفعه لقول كلمة ما كان ينبغى له أن يقولها ، أو لفعل ما كان له أن يفعله .
-
لو حدث ، وتأكدت أن شخصاً يتعمد إحراجك ، فالطريقة المثلى للتعامل معه هى ما يمكن لنا أن نسميه ” الهجمة المرتدة ” ، وقلب الطاولة عليه ، وسيظهر تفصيل ذلك فيما يلى .
-
لو كان من يتعمد إحراجك ، يفعل ذلك من خلال اقتحامه لخصوصياتك ، ودفعك لإظهار ما لا تحب أن يطلع عليه أحد غيرك .. هنا يكون مناسباً أن تعلن له أن هذا ليس من شأنه ، وتكون فرصة لك لأن تجعل من هذا الموقف مثالاً حياً للمقولة المشهورة : من تدخل فيما لا يعنيه ، سمع ما لا يرضيه .
-
إذا كنت قد أخطأت بالفعل ، فلا تخجل من اعترافك بالخطأ ، فكل أحد معرض للخطأ ، ولكن أخبره أنك كنت تنتظر منه أن يعينك ويسددك ، ويوجهك إلى الصواب ، وهو ما لم يحدث ، مما أحزنك كثيراً ، وخيب أملك فى صديق كنت تنتظر معونته وترجو مساعدته .
-
قد يلجأ من يتعمد إحراجك إلى إظهارك بمظهر المقصر فى فعل الصحيح من الأمور ، ويود لو أن عرف الناس عنك أنك لم تؤد ما عليك كما ينبغى ، وهنا ، اسحب البساط من تحت رجليه ؛ إذ يكون مناسبا لك أن تقوم بعملك على أكمل وجه ؛ كى لا تدع له فرصة للمزايدة عليك ، ويكون عملك قائماً يدافع عنك ويذب عنك ما قاله على غير الحقيقة .
-
قد يكون مناسباً فى مثل هذه المواقف أن تغض الطرف تماماً عما سمعت كأن لم تسمعه ، إذا كان الموقف لا يستدعى كثير كلام ، أو إذا رأيت أن كلامك أو ردك سيفتح باباً من الجدل لا تحتمله مرارتك أو وقتك أو سعيك لامتلاك بيت فى الجنة أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أنه مرصود لمن ترك المراء ولو كان محقاً !!
-
بعض المواقف لا يكون فيها من يتعمد إحراجك ، ولكن من يكثر عتابك ، وهنا يجب عليك أن تحتويه ، وتحنو عليه ، وتضمه إليك ، وتوضح له أن ليس شيئاً مما ظنه صحيحاً ، بل العكس هو الصحيح .. إلى آخر ما تستعيد به صفاء العلاقة بينكما .
نصائح عابرة :
-
يجب أن تكون بداية رد فعلك على الذى يفجر القنبلة فى وجهك متعمداً إحراجك أن تبتسم ساخراً من محاولته أن يظهرك ضعيفاً محرجاً أمام الناس ، بل تماسك وابتسم وابدأ فى هجمتك المعاكسة .
-
من تسبب فى إحراجك بغير قصد ، وأنت تعرف – من خلال سيرته معك – أنه ليس من هذا الصنف الدنىء من الناس ، فهذا لا يستحق منك إلا التغاضى والتجاوز عنه .
-
قد تفلح طريقتك فى جعل من يتعمد إحراجك يقع فى الحفرة التى حفرها لك ، وتنجح فى إحراجه هو بتبيان خطأه ورد تعديه عليك ، عند ذلك لا تشفق عليه كثيراً ؛ لأن البادى أظلم .
-
إذا نجحت فى كف شر هذا الشخص الذى يتعمد إحراجك ، وشغلته بنفسه ، فإياك أن تبالغ فى إحراجه هو ، واترك له فرصة لتدارك خطأه ؛ فالرسالة التى يجب أن ترسلها له هى : أن أسلوبه فى التعامل معك ليس لائقاً ، وعليه تغييره ؛ لأنك لن تسمح له بهذا مرة أخرى .
إن حسن الخلق مع الناس جميعاً يجنبك الكثير من أذاهم ، ويحملهم على أن لا يظهروا لك إلا الطيب من القول والحسن من الفعل ، وأذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم .
ولو كنت من هواة الاستماع والمشاهدة يمكنك الاستماع لهذا الفيديو الآن :