نحن فى عصارات الكتب نحاول أن نلخص الكتاب .. نعتصره .. نذكر النقاط التى يحويها .. ولكننا فى سياحتنا بين صفحات الكتاب نناقش الكاتب .. نحاوره .. نتفق معه .. ونعترض عليه .. ندلى بدلونا فى الكتاب .. نقيم الكتاب والكاتب .. أقدم خواطرى حول الكتاب وحول موضوعه ومدى إجادة الكاتب فى تناوله .. إننا ببساطة نتجول فى صفحات الكتاب ، ونلقى نظرة عامة عليه ..

 

الكتاب : المفاتيح العشرة للنجاح للدكتور / إبراهيم الفقى

 

هل لاحظت عزيزى القارىء أن الدكتور إبراهيم الفقى ذكر ( الدوافع ) كمفتاح أولى للنجاح تعقبه بقية المفاتيح .. والحق أنه حالفه التوفيق فى ذلك الترتيب ، ففعلاً إذا لم يوجد لديك الدافع لعمل شىء ( وما يصحب ذلك من رغبة مشتعلة ) ما فمن المستحيل أن تنجح فيه وأن تنجزه على أكمل وجه ..

لقد ذكر الدكتور إبراهيم الفقى قصة مفادها أن شاب ذهب إلى أحد الحكماء ليتعلم على يديه أسس النجاح فكان من ضمن ما فعله الحكيم مع الشاب أن أمره بوضع رأسه فى إناء مملوء بالماء ، والحكيم ضاغط بيديه على رأس الشاب ، فما كان من هذا الشاب إلا أن احتمل ذلك لثوانى معدودة ثم رفع رأسه بقوة ليتمكن من التنفس .. وهنا علمه الحكيم الدرس ؛ إذ قال له : عندما كنت قادراً على التحمل لم تخرج رأسك ، ولكن لما لم تستطع التحمل أكثر من ذلك رفعت رأسك بكل قوة لتتنفس .. وهكذا أى عمل إذا لم تكن لديك الدوافع الكافية للإقبال عليه فستظل تتمناه وتحبه ولكن لا تقوم بخطوات جدية للحصول عليه .. فمثلاً السمك فى البحر ليس لديه الدافع على الإطلاق ليخرج من الماء لأنه لا حاجة له للتنفس خارج الماء وبالتالى لا يسعى للخروج من بيئته أما الإنسان – والذى يمثله الشاب فى هذه القصة – فلديه دوافع قوية للتنفس ولذلك أخرج رأسه بشدة ..

ماذا نستنتج مما سبق ؟

نستنتج عيباً خطيراً دأب على تكراره غالب من كتب فى التنمية البشرية ، وهو أن يدفعوا الناس للنجاح بمنظور معين .. والنجاح من هذا المنظور لا يتم إلا بالثراء والشهرة والإنجازات العظيمة التى تجعلك ملء السمع والبصر ناسين أن من حقق ذلك ( أى الثراء والشهرة والإنجازات العظيمة ) لم يحققه من أجل أن يكون مشهوراً أو ثرياً ، ولكنه لأنه وجد لديه دوافع قوية للنبوغ فى المجال الذى نبغ فيه ..

لماذا نطلب من الناس أن يكونوا أمثال ستيف جوبز أو أحمد زويل أو مجدى يعقوب ؟!

إن من الأطباء من لا يجد لديه الدافع سوى لأن يكون طبيباً عادياً يتقى الله فى عمله ويؤديه على أكمل وجه ممكن ساعياً لمرضاة الله سبحانه وتعالى وساعياً فى الوقت ذاته من أجل التخفيف من آلام المرضى والمهمومين ..

لماذا يصر كتاب التنمية البشرية على أن يصبح الطبيب الناجح من عينة مجدى يعقوب ؟

هل النموذج الذى ذكرته حالاً لا يعد نجاحاً ؟

ولو أصبح كل الأطباء مثل مجدى يعقوب أصحاب اختراعات وإنجازات عظيمة .. من يتحمل أن يسهر على راحة المرضى فى المستشفيات مع علمه بأن هذا من الأعمال العادية ؟

لقد قرأت قصة للدكتور إبراهيم الفقى ذكرها فى كتاب من كتبه أنه ركب تاكسى فى بلد من البلاد العربية ( لعلها الأردن على ما أتذكر ) وتحدث مع صاحب التاكسى عن الفترة التى قضاها سائقاً للتاكسى ، فأخبره السائق أنه ظل سائقاً لمدة عشرين عاماً ، فاستنكر عليه الدكتور ذلك وقال له : لو كنت مكانك لأصبح لى الآن أسطول من السيارات والباصات !!

لماذا يا دكتور ؟

لعل هذا السائق مستمتع بعمله هذا ، ولعله يرجع إلى بيته كل يوم ليجلس مع أولاده ويتحدث إليهم مستمتعاً بدفء العلاقة بهم كما يفعل كل أب ؟

ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم أن من أصبح آمناً فى سربه معافى فى بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها ؟ لعل هذا السائق قد قرأ هذا الحديث ووضعه نصب عينيه وأصبح لا أرب له فى الدنيا إلا الضرورى منها ..

أليس يستطيع هذا السائق برزقه المتواضع المبارك فيه إن شاء الله أن يربى أولاده ويخرجهم مؤمنين صالحين ؟

لعل فى مقدوره أن يتوسع فى عمله ولكنه لا يريد لحياته أن تنقضى فى الإشراف والإدارة لعدد من السائقين والعاملين ؟

إن غاية الحياة – أعزائى القراء – ليست فى النجاح بهذا المنظور ، ولكن فى السعادة والرضا وتقوى الله .. وليعلم كل واحد منا أن غاية كل مؤمن هى الجنة ، وفعلاً لن يدخلها إلا صاحب إنجاز عظيم ولكن الإنجاز العظيم الذى يتمثل فى العمل الصالح هو عظيم بمقياس الله وليس بمقاييس البشر ، فقد يتبرع أحد الأثرياء بملايين الجنيهات من أمواله من أجل الرياء والسمعة ، فيعد فى الدنيا من أصحاب الإنجازات العظيمة حيث بنى العديد من المستشفيات والملاجىء والمساجد ، ولكنه بمقياس الآخرة ، فإن الله قد أحبط عمله ، وأبطل سعيه ، وأعطاه مما أراد من الدنيا فقط حيث احتفت به كل وسائل الإعلام .

وقد تجد من لم يتبرع إلا بعشرات الجنيهات فقط أنفقها بيمينه وأخفاها عن شماله فرفعه الله بها درجات فى الجنة ما بين الدرجة وأختها كما بين السماء والأرض ، رغم أنه لم يُذكر ولو حتى فى عدة سطور من جريدة محلية !!

أتمنى عزيزى القارىء أن تكون الصورة قد اتضحت أمامك وأتمنى أن تعيد صياغة تعريفك للنجاح وفقاً لما قرأت .. وفقنى الله وإياك .

إن خلاصة ما سبق أنك قد لا تجد لديك دوافع قوية لتحصل على جائزة نوبل ، قد تكون مهندس كمبيوتر ولا تجد لديك دوافع قوية لتكون مثل بيل جيتس مثلاً .. إياك أن تتهم نفسك بالفشل – وفقاً لبعض كتابات التنمية البشرية المغلوطة – ولكن كل ما عليك أن تتقى الله وأن تسعى لمرضاته وأن تتقن عملك على أكمل وجه .

 

بإمكانك أن تحمل نسختك من تلخيص الكتاب من خلال هذا الرابط :

المفاتيح العشرة للنجاح

ولو أردت سماع تلخيص مرئى للكتاب فمن خلال هذا الرابط :

 

Load More Related Articles
Load More By محمد عطيتو
  • مضاعف ثواب الأعمال الأكبر

    قرأت كتاب ( كيف تطيل عمرك الإنتاجى ؟ ) الذى سرد فيه مؤلفه الشيخ / محمد بن إبراهيم النعيم ر…
  • لا استقرار إلا فى الجنة !!

    نحن فى عصارات الكتب نحاول أن نلخص الكتاب .. نعتصره .. نذكر النقاط التى يحويها .. ولكننا فى…
  • التردد .. المرض الخبيث !!

    نحن فى عصارات الكتب نحاول أن نلخص الكتاب .. نعتصره .. نذكر النقاط التى يحويها .. ولكننا فى…
Load More In سياحة بين صفحات الكتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إقرأ أيضا

النقود والبنوك

  كيف نشأت النقود الورقية تاريخياً ؟ ورقة نقدية بمليون جنيه .. هل رأيتها من قبل ؟! أك…