نحن فى عصارات الكتب نحاول أن نلخص الكتاب .. نعتصره .. نذكر النقاط التى يحويها .. ولكننا فى سياحتنا بين صفحات الكتاب نناقش الكاتب .. نحاوره .. نتفق معه .. ونعترض عليه .. ندلى بدلونا فى الكتاب .. نقيم الكتاب والكاتب .. أقدم خواطرى حول الكتاب وحول موضوعه ومدى إجادة الكاتب فى تناوله .. إننا ببساطة نتجول فى صفحات الكتاب ، ونلقى نظرة عامة عليه ..
الكتاب : أيقظ قدراتك واصنع مستقبلك للدكتور / إبراهيم الفقى
مما لفت نظرى فى كتاب ( أيقظ قدراتك واصنع مستقبلك ) كثرة قصص الناجحين التى أوردها الدكتور إبراهيم الفقى فى كتابه ، وغالبية هذه القصص يتم ذكرها بشكل مقتضب ويتراوح تناولها ما بين عدة سطور إلى صفحة ونصف الصفحة على الأكثر فى الغالبية الساحقة من هذه القصص ، وعندما تأملت فى هذه القصص وأصحابها انتابنى شعور غريب ؛ إذ أن هذه القصص تثير عندى التحفيز والإلهام ، كما أنها تثير أيضاً – وياللعجب – الإحباط والفتور ، وتأملت فى سبب هذا الشعور ولاحظت الآتى :
أولاً : إن قصة الواحد من هؤلاء الناجحين العظام يذكرها المؤلف فى عدة سطور ، ويكون عمرها عدة عقود ، فيستشعر القارىء أن القصة بدأت وانتهت فى فترة زمنية كتلك التى قرأ فيها القصة باقتضاب !! ، فيظن أن فى الأمر معجزة من أين له بمثلها ( وهنا منشأ الإحباط ) ، والمعجزة الحقيقية هى التزام هذا الناجح بالعمل والسعى لعشرات السنين .
ثانياً : قد يستشعر القارىء أن المطلوب منه أن يحقق نجاحاً عظيماً يشغل العالم كله ، فلابد من حصوله على جائزة نوبل ، ولابد من أن يتصدر اسمه الأغلفة الأولى فى جميع الصحف والمجلات ، ولابد أن يذكر اسمه فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية ، ولابد أن يكون من أغنى أغنياء العالم .. هذا الذى يتسرب إلى ذهن القارىء عندما يقرأ قصصاً لأمثال : ستيف جوبز ، وطه حسين ، وأحمد زويل وغيرهم ( وهنا منشأ الإحباط ) .
وهذا ليس مطلوباً منك عزيزى القارىء ، إنما ما هو مطلوب منك أن تبذل جهدك ما استطعت فى السعى لهدفك الذى قد يتلخص فى تربية أولادك مثلاً على الخلق القويم والنهج المستقيم .. وأنت إذ تفعل ذلك فأنت من الناجحين العظام الذين يعرفهم الملأ الأعلى فى السماوات ، ولا عليك بعد ذلك أن ينظر إليك أهل الأرض على أنك من المغمورين العاديين فى الحياة الدنيا .
ثالثاً : ذكر هذه القصص باقتضاب شديد يغفل جوانب عظيمة منها ، فمثلاً عند ذكر قصة طه حسين لا يذكرون سوى تحديه لإعاقته وتغلبه عليها لدرجة أنه صار عميداً للأدب العربى .. لا يذكرون أن طه حسين عاش شطراً من حياته متشائماً شاعراً بالعجز والضعف وناقماً على إصابته بالعمى وساخطاً على ذلك إلى أن تزوج من زوجته الفرنسية التى وقفت بجواره وقلبت حياته رأساً على عقب .. لا يذكرون أن من النقاد من يرى طه حسين مجرد أديب من الأدباء وربما لا يكون أفضلهم ( فضلاً عن كونه عميداً للأدب العربى ) ، بل إن أديباً آخر كالعقاد قد سبقه بخطوات واسعة فى هذا المجال كما يرون .. لا يذكرون عن هيلين كيلر أن هناك من وقف بجوارها مثل معلمتها الرائعة آن سوليفان التى طالما احتملتها وساعدتها وعلمتها الكثير .. لا يذكرون أن هيلين نشأت فى المجتمع الأمريكى حيث الأدوات ميسرة لها ، والإمكانيات متوافرة فى دولة اهتمت بالمعاقين وذوى الاحتياجات الخاصة أكثر من اهتمام دول أخرى بالأصحاء الأسوياء !!
إن عدم ذكر مثل هذه الجوانب يصور هؤلاء الناجحين وكأن إرادتهم فولاذية لا تنكسر قط ( وهنا منشأ الإحباط ) ، والحق أنهم بشر كالبشر لهم جوانب ضعفهم وقصورهم وعجزهم وحماقتهم !!
والخلاصة عزيزى القارىء أنك ينبغى أن تستلهم من هذه القصص ما يدفعك ويشجعك ويحفزك ، وتتغافل عما يمكن أن يثير إحباطك واكتئابك للأسباب التى ذكرناها آنفاً .
بإمكانك أن تحمل نسختك من تلخيص الكتاب من خلال هذا الرابط :
ولو لم تتكون لديك عادة القراءة بعد فلعلّك تريد سماع تلخيص مرئى للكتاب من خلال هذا الرابط :