نحن فى عصارات الكتب نحاول أن نلخص الكتاب .. نعتصره .. نذكر النقاط التى يحويها .. ولكننا فى سياحتنا بين صفحات الكتاب نناقش الكاتب .. نحاوره .. نتفق معه .. ونعترض عليه .. ندلى بدلونا فى الكتاب .. نقيم الكتاب والكاتب .. أقدم خواطرى حول الكتاب وحول موضوعه ومدى إجادة الكاتب فى تناوله .. إننا ببساطة نتجول فى صفحات الكتاب ، ونلقى نظرة عامة عليه ..
الكتاب : أصول اللعبة لـ محمود عبد الشافى
قرأت كتاب أصول اللعبة لمؤلفه محمود عبد الشافى ، ولم يف الكتاب بتوقعاتى ووجدته نسخة مكررة من كتب التنمية البشرية التى قرأنا فيها كثيراً ، ولكن كانت النقاط التالية من أكثر ما أعجبنى فى الكتاب :
امتلك توجهاً عاماً ، وليس أهدافاً محددة بعينها أو خططاً تفصيلية
صدعتنا كتب التنمية البشرية بتلك النصيحة التقليدية التى تقتضى من الواحد منا أن تكون له رؤية لحياته تنبثق منها خطة طويلة الأجل ، وهذه الأخيرة تتفرع منها خططاً قصيرة الأجل ومهام محددة للسنة والشهر والأسبوع واليوم ، ويرددون أن هذا ضرورى من أجل النجاح ومن أجل الاستغلال الأمثل لمواردنا المحدودة ، وأنه بدون ذلك التخطيط المحكم تصبح الدروب سواء أمامنا .
كلام نظرى جميل ، ولكنه يصطدم بمعضلة كبيرة وهى أن الإنسان لا يعلم الغيب فهو لا يدرى ماذا سوف يحدث غداً ، فكيف يخطط لعشرين سنة قادمة ؟! ، ثم إن حياته رغم أنها تخصه فهو ليس المتحكم الوحيد فيها ، بل يشاركه فى ذلك : الظروف والدولة والسياسة والاقتصاد والمصائب التى قد تحل به ، والمفاجآت السارة التى قد تأتيه من حيث لا يحتسب وأمور أخرى كثيرة .
يشفى الكاتب غليلنا فى هذه النقطة ، ويقول كلاماً كثيراً يُصدره بهذه العبارة التى تُصور ما فى نفوسنا نحن أيضاً : ( لسنوات لم أفهم فكرة التخطيط للحياة ) ، ويقول أيضاً ( بتصرف ) :
أحضرت ورقة وقلماً وبدأت فى اتباع الأوامر غير أنى لم أستطع .. ظننت أنى لدى مشكلة ما .
لكن فكرة وضع خطة استراتيجية وأخرى تكتيكية لم ترق لى أبداً ..
مع الوقت أدركت أن تلك النصائح المستوردة ليست قانوناً لا يمكن خرقه ..
إن طبائع الناس تحدد بنسبة كبيرة طريقة تفكيرهم ومن ثم ما يلزمهم من خطوات ، شخصياً ليس لدى خطة استراتيجية كالتى ينصحوننا بكتابتها والتى من المفترض أن تفرز خططاً أخرى مرحلية تكتيكية علىَّ اتباعها ، لكننى أملك توجهاً استراتيجياً يحدد لى ما أقبله أو أرفضه من خطوات وينير لى قراراتى فى الحياة .
كل الأفكار والمشاريع التى لا تخدم هذه الفكرة ( يقصد الكاتب : فكرة العمل التشاركى التى يعتنقها ويؤمن بأهميتها وهى أساس مبادرة بيتك بإيدك ) أرفضها ، وبالطبع أقبل ما يتماشى معها ويعضدها دون أن تكون لى مفكرة مكتوب فيها ما يجب علىَّ عمله فى الأسبوع أو الشهر أو السنة .
المدهش أن أساتذة التخطيط لا يعترفون بمثل هذا الأمر ويرون أنه يضيع علىَّ فرصاً للتطوير ، وحتى هذه اللحظة ما زلت رافضاً لفكرتهم الصارمة تلك .
فى عالمنا العربى ، من الصعب أن تطبق فكرة التخطيط الصارم ؛ لديك كل يوم مستجدات وتغيرات طارئة : سفر مفاجىء ، بعثة دراسية مفاجئة ، ثورة مفاجئة ، تغيير فى الإدارة العليا يتغير على إثره كل شىء .. الشاهد أننا لا نملك السيطرة على النسبة الأكبر من مسار الحياة من حولنا بخلاف دول الغرب التى تحكمها فى الغالب قوانين ومبادىء فى السياسة والإدارة والأعمال تجعل من فكرة التخطيط بالنسبة لهم أمراً منطقياً وناجحاً .
اللاعب المصرى محمد صلاح أفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى أنجح الدوريات فى العالم لم يكن يخطط للاحتراف ، تعثر مفاوضاته مع نادى الزمالك ألقت به فى أحد الدوريات المتواضعة فى أوربا ومنه تنقل بين الدوريات إلى أن وصل إلى نجاحه الحالى ، ظنى أن صلاح كان يمتلك توجهاً استراتيجياً أن يكون الأفضل ، ولكن كيف ؟ لا أظن أنه كتب أحلامه فى ورقة أو خططه فى مفكرة .
اسمح لى أن أنصحك بأمر هام وهو أن تجعل لك رؤية عامة ، نعم يجب أن تكون واضحة ، يجب أن تكون واقعية ، يجب أن تكون قابلة للتحقيق ثم تبدأ من فورك فى البحث عن الطرق والأساليب التى تحقق بها حلمك .
يكفيك التوجه عوضاً عن الخطة ..
أعطنى فلسفة وليس نصائح
لا تعطنى نصائح أو طرق لكيفية عمل شىء ما ، ولكن أعطنى الفلسفة التى تخبرنى لماذا ينبغى أن أفعل هذا الشىء ، نحن نريد قناعات منطقية صحيحة ننطلق على إثرها ، ونخوض الحياة مسلحين بالأفكار الكبرى التى يسهل فيما بعد معرفة ما تقتضيه فى الواقع .
أن أعطيك نصيحة فهذ معناه أنى أعطيتك قطعة ذهبية ، أن أعطيك فلسفة فهذا معناه أنى سلمتك مفتاحاً لمنجم الذهب !!
وتذكر أن النصيحة ما هى إلا إسقاطك للفلسفة أو الرؤية الصحيحة الثاقبة على الواقع الذى درسته جيداً .
من لا يملك سراً .. لا يملك سحراً !!
تذكر هذه المقولة جيداً والتى بمقتضاها لا ينبغى أن تكشف عن كل جوانب شخصيتك ولا سيما عيوبها ؛ قم بإخفاء عيوبك عن الناس ولا تكشف لهم من شخصيتك إلا ما يستدعيه التعامل بينك وبينهم .
كثير من الناس يفخرون أنهم يمتلكون شفافية كبيرة وأنهم كالكتاب المفتوح لا يخفون شيئاً .. وهذا خطأ ، ومن قال أن ما تخفيه هو بالضرورة مشين لك ولا يجلب سوى الخزى والعار ، كل ما فى الأمر أن ما تخفيه أمور شخصية تخصك أنت وحدك والدائرة القريبة منك ولا تحب أن يطلع عليها أحداً ، وكل منا له خصوصياته .
( فيروز ) المغنية المعروفة التى ارتبطت دائماً بالمثقفين والتى سحرت بصوتها الملايين ، والتى لقوة صوتها قد تعتقد أنها كانت كذلك على الناحية الثقافية أديبة مثقفة متحدثة لبقة تبهر أسماع الحاضرين .
والحقيقة أنها ليست كذلك بل كانت على النقيض منه تماماً ؛ فقد كانت ضحلة الثقافة جداً وكانت معرفتها تنتهى عند حدود بيتها .. ومن هذا الذى يجرؤ على القول أنه مطلوب منها أن تكرر فى كل لقاء ومع كل أحد أنها جاهلة وأنها ليس كما يظن الناس عنها وأن موهبتها لا تتجاوز حلقها .!! بالطبع ليس مطلوباً منها شيئاً من ذلك ، ولا تُلام عليه .
نفس الأمر مع المغنى ( عمرو دياب ) لا تجد له الكثير من اللقاءات ، وبسبب ذلك تُنسج حوله الأساطير .
كان أحد أساتذة الإدارة ذات مرة يعلم الناس الوقوف على خشبة المسرح ومخاطبة الجماهير ، فقال لهم : لا يهم خوفكم الداخلى ولا ارتباككم ولا رهبتكم من الكلام أمام الناس ، وإنما ما يهم هو : هل عرف الناس هذا أم لا !!
قد تكون نيتك من الكلام الكثير وكشف جوانب من شخصيتك هى إفادة الناس ، ولكن قطاعاً ليس بالقليل منهم لن يستفيدوا منها وإنما سيقومون بتأويلها وتحريفها مما يظهرك فى أبشع صورة وأقبحها .
الخلاصة : اجعل حول شخصيتك قدراً من الغموض ، لا تعط ردوداً مجانية ، لا تدلى بدلوك فى كل شىء ، وتذكر أن من كثر كلامه كثر لغطه .
بعض نصائح الكاتب لبدء مشروعك الخاص
-
لا تتصرف مثل القرود !
فى كلمته الجميلة يقول الملياردير الصينى ( جاك ما ) : لو وضعت نقوداً وموزاً أمام القرود ، فسيختار القرود الموز ، لأنهم لم يعرفوا أن النقود تشترى موزاً أكثر .
هذا حال أغلب الناس فى المفاضلة بين الوظيفة والعمل الحر .. الوظيفة تمثل موزاً حاضراً أمامك لا ينتظر منك إلا أن تقشره وتلتهمه ، فالوظيفة راتبها مضمون فى نهاية كل شهر .
أما العمل الحر ، فإنه يمثل نقوداً تأخذها وتذهب إلى السوق وتفاضل بين الموز الموجود لتشترى موزاً جيداً وكثيراً أيضاً.. وهكذا فإن العمل الحر متعب فى بدايته ولكنه وفير جداً فى مردوده وثمرته .
ولأن العجلة طبع أصيل فى الناس فإن غالبهم للأسف يتصرف مثل القرود ويهربون من التعب المؤقت فى البداية ليضيعوا ثماراً أحلى وأجمل تنتظرهم .
-
تشاءم عند التخطيط ، وتفاءل عند التنفيذ !!
ينصحنا الكاتب بهذه النصيحة عندما نبدأ مشروعنا الخاص وأرى أنها نصيحة ثمينة يمكن لنا أن نستخدمها فى حياتنا عامة .
فعند التخطيط لهدف ما تخيل كل المعوقات التى يمكن أن تحول بينك وبين بلوغه وتأهب لها مسبقاً حتى إذا اصطدمت بها كنت على أتم استعداد للتعامل معها .. ومعنى التشاؤم هنا ليس تلك الكآبة الداخلية ، ولكن معناه توقع الأسوأ ، وافتراض وقوع كل ما تخشاه ، وإعداد سيناريوهات التعامل مع كل المعوقات التى احتمالية حدوثها ضعيفة أو بعيدة .
أما عند التنفيذ فتوكل على الله وشمر ساعد الجد وأقبل على ما تريد بروح التفاؤل والأمل مدركاً أنك لم تقصر فى فعل ما عليك ، تاركاً كل شىء بعد ذلك لله .
-
اربط عملك بقيمة أخلاقية أو إنسانية ، ولا تقلق لأمر المال فسيأتى لا محالة ..
ففى مشروعات بيتك بإيدك على سبيل المثال تم ربط المشروع بتوفير وحدات سكنية بسعر التكلفة لمساعدة الشباب الذين لا يجدون مكاناً لبدء حياة أسرية .
تلعب العاطفة دوراً كبيراً فى التأثير على الأحكام التى يصدرها الناس ؛ فالقيم السامية التى سيتضمنها مشروعك ستفتح لك طريقاً إلى قلوب الناس ، القيمة ستجعلك متميزاً لا سيما والعالم من حولك يتجه بشدة ناحية المادة وفقط .
لو افتتحت مطعماً ، فلماذا لا تجعل هناك قسماً لتوفير وجبات لمن لا يستطيع دفع ثمن وجبات الطعام ، ستجد كثر يساعدونك فى عملك هذا من زبائنك ؟
لو أنشأت مكتبة يمكنك أن تطلق نشاطاً لتوفير قصص مجانية لأبناء القرى الفقيرة ، وتتميز بكونك سفيراً للثقافة وليس مجرد صاحب مكتبة .
لو لديك صالة ألعاب رياضية ( جيم ) ، لم لا تخصص جزءاً من خبرتك فى مساعدة الموهوبين فى الألعاب الفردية وتحاول دعمهم ؟
اعلم أن القيمة التى ستضيفها لمشروعك ستجعلك أكثر إنسانية ، أعمق أثراً ، أكثر راحة ، وفوق هذا تعد وسيلة تسويق مبتكرة وعظيمة .
-
كيف تتعامل مع الفساد ؟!
عن كيفية التعامل مع الفساد الذى استشرى فى عالمنا العربى وفى مؤسسات بلاده المختلفة يقول الكاتب ( بتصرف ) :
فى عملك الخاص ستتعامل مع الفساد وجهاً لوجه ، وبدون مثالية مفرطة ستضطر إلى الرضوخ لأحكامه فى بعض الأوقات .. قد تضطر لتخصيص بند من مصروفات شركتك لمثل هذه الأمور !!
أنا لا أريدك أن تستثمر الفساد كى تحصل على ما لا يجب الحصول عليه ؛ ففى مشروعات بيتك بإيدك لم نطرح أبداً مشروعات مخالفة للقوانين أو نقوم ببناء أدوار مخالفة ، أو على أرض غير قانونية ( يقصد الكاتب أنه قد يستغل الفساد المستشرى فى فعل ذلك بدون مؤاخذة !! ) ، ما أقصده أن تحصل على حقوقك التى قد تتنازل من أجل الحصول عليها .
قد تكون مهمتك الرئيسية الحرب من أجل القليل من التنازل ، لكنك يقيناً ستضطر له .
كم أود أن أكون مثالياً وأخبرك ألا تتنازل ، لكنه الواقع بكل أبجدياته . انتهى
أظنك فهمت عزيزى القارىء ما يقصده الكاتب ، فهو يريد أن يقول أنك ستضطر لتقديم : رشـ .. أكمل أنت الباقى ، وإن أردت سأكمله أنا .. ــوة !!
بإمكانك أن تحمل نسختك من تلخيص الكتاب من خلال هذا الرابط :
ولو أردت سماع تلخيص مرئى مسموع للكتاب بصوت محمد عطيتو ، فمن خلال هذا الرابط :